الحمد كله من الأزل إلى الأبد لله.. نصر الحق فأعلاه.. وأزهق الباطل ونحاه
والصلاة والسلام على خير الأنام وسيد أهل الأرض والسماء سيدنا مُحمّد المُختار و صحبه الأبرار وآل بيته الأطهار ومن على نهجهم سار
....
عجيب حال هذه الدنيا وعجيب حال البشر فيها ,, إن أطلت النظر والتفكر فيها لظهر لك حقارتها وغفلة المتنافسين عليها ,, كرهها النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين من العباد فتنبه عبادٌ وغَفِل آخرون ! دارٌ غرّت الكثير بشهواتها فوقع في حبالها من وقع وسَلِم من وحلها من اصطفى الله!
عندما بعث الله رسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم بالدين القويم كانت الغاية من ذلك أن يُوحّد المولى عزّوجل وأن ترتقي النفس البشرية وتُكرّم وتُحترم ويتعامل البشر مع بعضهم ضمن إطار الأخلاق السويّة .
تحقق هذا في زمن الحبيب صلى الله عليه وسلم وسمت النفس البشرية للمعالي فكانت النتيجة هي علو راية هذا الدين والعيش بصفاء وسلام وجيلٌ نبذ دنياه وشمّر لآخرته .
ثم لما ودّع الرسول صلى الله عليه وسلم أمته وألقى نظرته الأخيرة عليهم قبل أن يُسلم روحه للبارئ كانوا صفوفاً متحدة دينهم واحد وربهم واحد لا فرق بين الأبيض والأسود ولا الغني والفقير فانتقل الحبيب إلى الرفيق الأعلى على أمل اللقاء بأمته ذكوراً وإناثاً عند حوضه الشريف ويسقيهم من يده الشريفة عند التهاب الأكباد .
لكن هل حالنا الآن يُرضي الله عزّوجلّ ويرضي رسوله المُصطفى ؟
لا والله
أتعلمون لماذا ؟
لأننا ألقينا بهذا الدين والأخلاق الكريمة وراء ظهورنا وانشغلنا بأمر الدنيا وغفلنا عن أمر الآخرة ! فأصبحنا نرى ونشاهد ما يعجز اللسان والقلم عن وصفه !
فأصبحنا نرى من أمة مُحمّد صلى الله عليه وسلم :-
أشخاص محسوبين على الإسلام , أخذوا من الإسلام ظاهره ثم زادوا وحرفوا بشريعة رب العباد وابتدعوا بهذا الدين حسب أهوائهم وما تُمليه عليهم شياطينهم !
(الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) الكهف104
أشخاص باعوا دينهم بأرخص الأثمان لأجل أن يُشبعوا شهواتهم الدنيئة فلا يوجد هناك دين ولا عقل يردع , فهم كالأنعام بل أضلّ!
( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ ) الأحقاف20
أشخاص استحّلوا الظلم بأبشع صوره فلا عدو ولا صديق ولا قريب ولا بعيد سَلِم من ظلمهم فهم كالحجارة بل أشد قسوة !
( يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) غافر52
أشخاص لم يسلم إخوتهم من ألسنتهم وخبث طويتهم فهم بالليل والنهار يكيدون لهم المكائد ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .
( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النور23
أشخاص تظاهروا بالالتزام وتطبيق شرع الله وسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم وعندما يستترون عن العباد يُبارزون الله بالمعاصي بكل حقارة وبكل جرأة !
( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ) النساء108
أشخاص تعلموا العلم ولم يعملوا به وعرفوا الحق وما ساروا عليه فحالهم كحال كبني إسرائيل !
( يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم7
أشخاص قدوتهم كل ساقطٍ وساقطة وأقصى همهم هو إفساد شباب ونساء المسلمين وإشاعة الفاحشة بينهم !
( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النور19
أشخاص انتزعت الغيرة على هذا الدين من قلوبهم وانتزعت العزة من نفوسهم فهم أذلاء مُنصاعين لليهود والنصارى يحركونهم كيفما شاءوا وحيثما أرادوا !
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة51
وبكل أسى أقول إن القائمة تطول وحولنا صورٌ كثيرة تزيد الألم وتُثير الحُزن مما آل [عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة الرابط للتسجيل اضغط هنا] حالنا !
فزماننا هو زمانٌ يُكرم ويُصدّّق فيه المنافق والخبيث والكافر والظالم بينما يُرد ويُكذَّب المؤمن الصادق الذي لم تُجرب عليه كذبة ولم يُرى عليه إلا الخير وصفاء النية !
زماننا هو زمانٌ يُحتقر فيه الفقير المؤمن لأنه فقير ويوقر الغني الفاسق لأنه غني !
زماننا هو زمان يؤتمن فيه الخائن ويتحدث فيه الرويبضة ويكذب الشخص كذبة تصل بساعة لمشارق الأرض ومغاربها !
(سيأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، و يكذب فيها الصادق ، و يؤتمن فيها الخائن ، و يخون الأمين ، و ينطق فيها الرويبضة . قيل : و ما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ) صحيح
زماننا هو زمانٌ يتطاول فيه أبناء القردة والخناير على كتاب الله وعلى الحبيب صلى الله عليه وسلم وتُغزى أرض الإسلام ويُقتّل المسلمين ولايُعبأ بمليار من المسلمين الذي لا يٌحرّك ساكناً!
(يوشك الأمم أن تتداعى عليكم ، كما تتداعى الآكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : ومن قلة بنا نحن يومئذ ؟ ! قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن ، قال قائل : يا رسول الله ! وما الوهن ؟ ! قال : حب الدنيا ، وكراهية الموت ) صحيح.
فأوآه من ما نرى ونجد ,, أوآه من ما صار إليه حالك يأمة الحبيب مُحمّد ..
فهل سنبقى على حالنا ؟!
أما آن لنا أن نصحو من رقدتنا ؟!
فلنشكر الله أننا مازلنا أحياء وباستطاعتنا أن نُصلح مافسد , فتلك الصور سوف تُمحى وستحل مكانها صور مشرقة فقط إذا راجع فيها كل شخص حساباته وعزم بصدق على أن يُصلح نفسه ومن حوله , فلنُبادر قبل أن تُفارق الروح الجسد بعودة صادقة لله وإلى الصراط المستقيم حيث الفوز والنجاة بالدارين والعزة والتمكين لهذا الدين
(إن الله يمُهل . حتى إذا ذهب ثلث الليل نزل إلى السماء الدنيا . فيقول : هل من مستغفر ! هل من تائب ! هل من سائل ! هل من داع ! حتى ينفجر الفجر) رواه مسلم
المولى ينادينا كل ليلة لنرجع إليه وهو غنيٌ عنا ,, فماذا ننتظر؟
(إن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) الزمر7
اللهم زكِّ نفوسنا من الأمراض والشهوات .. وطهر قلوبنا من النفاق والشك والارتياب .. تُبنا إليك ياربنا.. فسبحانك إليك المآب .. وأغفر لنا يا غفور يا تواب .. وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .. ومن سوء الحساب والعقاب .. وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الممات .. مع الفوز بالجنة وحسن الثواب.
الرئيسية
